قررت محكمة دبي الابتدائية، إشهار إعسار رجل عربي بعد ثبوت عجزه عن سداد ديونه التي تجاوزت 14 مليون درهم، وذلك في إطار تطبيق المرسوم بقانون اتحادي رقم 19 لسنة 2019 بشأن الإعسار، ما يؤكد حرص المنظومة القضائية الإماراتية على ترسيخ مبادئ الشفافية في التعاملات المالية وضمان حماية حقوق الدائنين وفق الأطر القانونية المنظمة.
تراكم الديون
تعود وقائع الدعوى إلى أن المدين تقدّم بطلب رسمي لإشهار إعساره وافتتاح الإجراءات أمام محاكم دبي، بعد أن تراكمت عليه التزامات مالية كبيرة بموجب سندات تنفيذية وأحكام قضائية قطعية. وقد أحالت المحكمة الطلب إلى أمين للإعسار كلّفته بمراجعة الوضع المالي للمدين وإعداد تقرير شامل حول أمواله وديونه.
وبعد فحص شامل، تبيّن أن المدين يواجه التزامات مالية متعددة، أبرزها شيكات وأحكام تنفيذية بمبالغ كبيرة، من بينها شيك بمبلغ 305 آلاف درهم، وسند تنفيذي بمليوني درهم، بالإضافة إلى مبالغ أخرى تراكمت منذ عام 2022 وحتى عام 2024، ليصل إجمالي الديون المستحقة إلى أكثر من 14.2 مليون درهم.
وأكد تقرير الأمين أن أموال المدين لا تكفي لتغطية هذه الالتزامات، وأن وضعه المالي الحالي لا يمكّنه من الوفاء بحقوق دائنيه أو التوصل إلى تسوية مرضية معهم. وأوصى التقرير بشهر الإعسار وافتتاح الإجراءات بشكل رسمي، ونشر الحكم في صحيفتين يوميتين محليتين باللغتين العربية والإنجليزية لإتاحة المجال أمام الدائنين للتقدم بمطالباتهم خلال المدة المحددة قانونًا.
وقررت المحكمة إلى جانب إشهار إعسار المدين وانتهاء الإجراءات القانونية المتعلقة بديونه، منعه من السفر خارج الدولة، مع إخطار سلطات المنافذ البرية والبحرية والجوية بذلك فوراً لتنفيذ القرار، وكذلك منع المدين من الحصول على أي قرض أو تمويل جديد لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم، وتمكين الدائنين من تقديم مطالباتهم خلال عشرين يوماً من تاريخ النشر في الصحف، على أن يقوم الأمين بدراسة هذه المطالب وإعداد تقرير تفصيلي بشأنها.
وقال الدكتور علاء نصر، الممثل القانوني للمُعسر، إن أحكام إشهار الإعسار تؤكد دور القضاء في حماية النظام المالي والاقتصادي في الدولة، وضمان أن تكون العلاقة بين المدين والدائن قائمة على أسس واضحة من العدالة والمصداقية. كما يعكس التزام محاكم دبي بتطبيق التشريعات الحديثة التي وضعتها الدولة لتعزيز ثقة المستثمرين والمتعاملين، وضمان بيئة اقتصادية متوازنة ومستدامة.
وأضح أهمية القرار في أنه يوازن بين حقوق الدائنين واعتبارات المدين، إذ يمنحه في الوقت ذاته فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه المالية تحت إشراف الأمين المعين، مع منحه بعض الحماية من الدعاوى القضائية خلال فترة الإعسار.
وأشار علاء نصر إلى أن مثل هذه الأحكام تسهم في تعزيز الثقة بمنظومة العدالة الاقتصادية، حيث تضمن حقوق الدائنين وفي الوقت ذاته تحمي المدينين من الملاحقات غير المنصفة، وتمنحهم فرصة لإعادة تنظيم حياتهم المالية ضمن أطر قانونية شفافة. كما تعكس هذه الإجراءات التطور الكبير الذي وصلت إليه الإمارات في مجال التشريعات الاقتصادية، بما يتماشى مع مكانتها كمركز عالمي للأعمال والاستثمار.
محكمة دبي تشهر إعسار مدين بمبلغ 14.2 مليون درهم
